لماذا

لماذا لم تنطفئ الشمس ابدا ؟

الشمس عبارة عن نجم متوسط السطوع في مجرة درب التبانة، فهي ليست أكثر النجوم سطوعاً، ولا أكبرها حجماً، كما أن عمرها لا يتجاوز 4.5 مليار سنة. إنها نجم فريد من نوعه، حيث يحافظ نورها وحرارتها على الحياة على كوكب الأرض، الكوكب الوحيد المأهول الذي نعرفه في هذا الكون. ومن حسن حظنا أنها لم تنطفئ قبل ظهور البشرية على الأرض منذ بضع مئات الآلاف من السنين. ولكن كيف تسنّى لها هذا القدر من الوقود؟ لماذا لم تُخمد نارها مثل الشمعة أو مثل نار مخيم الكشافة؟ ومتى سيحدث ذلك في نهاية المطاف؟

تعتبر كاثرين بيلاشوفسكي، أستاذة علم الفلك في جامعة إنديانا، أن هذه القضية كانت سؤالاً ملحّاً في القرن التاسع عشر. ففي ذلك الوقت، كان البشر يفهمون طريقتين فقط يمكن للشمس أن تولد بهما الطاقة: فإما أنها كانت تنتج الحرارة والضوء من خلال التقلّصات الثقالية، حيث تنكمش الشمس على نفسها عند المركز وتصدر الطاقة (على شكل الحرارة التي نشعر بها على الأرض)، وبالتالي يصغر حجمها مع مرور الزمن، أو أنها كانت مشتعلة فعلاً، مثل التفاعل الكيميائي الذي نراه هنا على الأرض عندما نشعل عود ثقاب أو نشعل نار مخيم الكشافة.

مع الاعتقاد بأن أياً من هاتين الطريقتين ربما تكون الطريقة الفعلية التي تعمل بها الشمس، فإن العلماء قد قدروا بالضبط كم مرّ من الزمن على تشكّل الشمس حتى ذلك الحين باستخدام كلتا الطريقتين. لكن أياً من هذه النتائج لم يتوافق مع ما عرفناه عن عمر النظام الشمسي والذي يُقدّر بحوالي 4.5 مليار سنة. لو كانت الشمس تتقلص أو تحترق، لكان قد نفد وقودها قبل أن نأتي إلى هذه الحياة بزمن طويل.

من الواضح إذاً أن شيئاً آخر هو الذي كان يحدث. بعد بضعة عقود من الزمن رشّح علماء فلك بريطانيون في عشرينيات القرن الماضي فكرة أن الشمس في الواقع تحول كتلتها إلى طاقة، معتمدين في ذلك على معادلة آينشتاين الشهيرة ، والتي أكدت على أن أي شيء له كتلة يجب أن يمتلك كمية مكافئة من الطاقة،. غير أنه خلافاً لطريقة عمل الفرن الذي يحول الخشب والفحم إلى رماد وكربون أسود (حيث ينبعث منه الضوء والحرارة أثناء ذلك)، فإن مركز الشمس أكثر شبهاً بمحطة عملاقة للطاقة النووية.

تحتوي الشمس على عدد هائل من ذرات الهيدروجين. كما تحتوي ذرة الهيدروجين المتعادلة عادة على بروتون ذي شحنة موجبة وإلكترون ذي شحنة سالبة يدوران حوله. عندما تجتمع هذه الذرّة بذرة هيدروجين أخرى، فإن الإلكترونات الخارجية لكلتا هاتين الذرتين تتنافر مغناطيسياً فيما بينها. وهذا ما يحول دون اجتماع البروتونات المكونة للذرتين مع بعضها البعض.

إن فعالية الاندماج الحراري النووي هي السبب الرئيسي وراء استمرار الشمس بإشعاع الحرارة لفترة طويلة جداً. فكمية الطاقة الناتجة عن تحويل كيلوغرام واحد فقط من الهيدروجين إلى هيليوم تكافيء ما ينتج من طاقة عند احتراق 20,000 طن متري من الفحم. ونظراً لضخامة الشمس وعمرها اليافع نسبياً، فإن العلماء يقدرون أنها قد استهلكت نصف كمية الهيدروجين المنتج للطاقة فقط.

في النهاية، سوف يتحول كل الهيدروجين الموجود في باطن الشمس إلى هيليوم وتكون عندها نهاية هذا النجم. ولكن ينبغي ألا نقلق، فلن يحدث هذا قبل مضي نحو 5 مليارات أخرى من السنين.

السابق
لماذا ؟ 8 أسئلة نجيب عنها
التالي
لماذا الهواء غير مرئي ؟